[b][color=red]ثقافة الإغتراب عند أهل الخناق[/color][/b]

عوض محمد عبد ا الأحد نوفمبر 09, 2008 11:16 am

الأخوة الكرام بمملكتنا الفتية ,, السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ,, وبعد ,
إن الخناق كغيرها من مناطق شمال السودان , قد عرفت الهجرات منذ أقدم العصور , وقد تشرب ابناء الخناق بهذه الثقافة ربما قبل غيرهم من ابناء شمال السودان الذين فتحوا هذا الباب قبل ان يعرفه الآخرون , وقد كانت اولى الهجرات الخارجية المنظمة من المنطقة الى شمال الوادى جمهورية مصر العربية , حيث هاجر الناس اليها منذ زمن سحيق جداً , وشهد هذا القرن اهم واكثر الهجرات لذلك البلد , وهناك هجرات اخرى شملت ارض الشام والحجاز سوف نتناولها لاحقاً ان شاء الله , وبالرغم من اننى لا املك الاحصائية الدقيقة لأولئك المهاجرين , الا أننى سوف اتناول فى هذا المقام الاشارة الى بعض الافراد الذين عاصرنا جزءً من حياتهم وكانوا يتحفوننا بهداياهم الجميلة من ام الدنيا بصورة دائمة عند حضورهم فى إجازاتهم السنوية .
من الأسرة هناك اربعة شخصيات قضت بيض سنينها بام الدنيا مصر , وكان هؤلاء سبباً فى وصول الآخرين اليهم فيما بعد , وبعضهم تزوج هناك , ويأتى فى مقدمتهم جدنا المرحوم محمد فقير ( كنبوك ) وهو من اسرة العابدى من جهة الأب , ومن البدرية من جهة الأم , ويقال انه سافر مصر صغيراً يافعاً , وتزوج بمصرية هناك وانجب منها بنتاً , ورفض العودة الى موطنه نهائياً , وهنا تدخلت جدتنا خديجة فقير ( رحمها الله ) وكانت سلطانة زمانها , وقررت السفر الى مصر للبحث عن شقيقها , وارجاعه الى البلد مهما كلف الأمر .
وبالفعل وصلت الجدة الى القاهرة , وكان ذلك فى نهاية الثلاثينات وبداية الأربعينيات على الأرجح , ووجدت شقيقها وقد تزوج بمصرية , ولديه بنت منها , وهذا ما صعب مهمة الجدة كثيراً , وبعد بحث للموضوع , عرضت الجدة على زوجة شقيقها السفر معهم الى السودان , وبالعدم ترك البنت لوالدها للسفر بها الى السودان , فإختارت المصرية البقاء مع أهلها بمصر , ورجع الثلاثة الى الخناق .
وتولت جدتى تربية بنت شقيقها حتى كبرت وتزوجت , ثم بدأت علاقة البنت بأهلها المصريين تنمو رويداً رويداً , والان يتمتع ابنائها بعلاقات طيبة باهل والدتهم بجمهورية مصر العربية , ثم تزوج جدنا بعد ذلك بالخناق وانجب ما شاء الله له من البنين والبنات , وقد رحل ثلاثتهم عن هذه الدنيا الفانية الى دار البقاء فلهم الرحمة والمغفرة من رب العباد .
ومن أجدادنا الذين عاشوا بمصر ردحاً من الزمان الجد عطية ادريس محمد نور , حيث عمل بالهجانة مدة من الزمن , ثم عاد الى الخناق وتزوج بها , واستقر بها حتى وافته المنية بالخناق .
ومنهم كذلك الجد عثمان محمد محمد خير , وكان يكنى بعثمان جبل , ويقال ان اللقب جاء من خصلة كان يمتاز بها هذا الرجل فى صغره , وهى عدم الحركة الكثيرة , حيث كان يكون فى مكانه من وقت وضعه وحتى لحظة اخذه مستقراً كالجبل , ومنها جاءت التسمية .
التحق الجد عثمان بالهجانة فى زمن قديم , وكان من الأركان بجمهورية مصر لأبناء البلد , حيث كان يقصده كل الزائرين لأم الدنيا , وكان يقيم بمنطقة عين شمس مع زوجته المرحومة الخالة زينب حسن , واستمر مقيماً بمصر فترة طويلة , ثم عاد بعدها الى الخناق وعمل بالزراعة .
وكان الجد عثمان يمتاز بالحكمة , والرأى الصائب , وكان رأيه محل تقدير الجميع , خاصة فى المسائل الكبيرة , وكان هو السبب فى دراستى للقانون حيث كان كثيراً ما يحكى لى عن العدل والعدالة بين الناس , ورد الحقوق لأهلها , ولذلك غرس فينا حب هذا العلم ونحن لم نزل بالمرحلة الابتدائية .
الا رحم الله جدنا عثمان جبل , وجعل مسكنه الجنة , مع الذين انعم الله عليهم .
الشخصية الأخيرة من الأسرة , هو الخال ميرغنى سعيد ادريس , امد الله فى ايامه , حيث حذا حذو اخواله محمد فقير وعثمان جبل , وعمه عطية ادريس , ويحكى لى الخال بانه ضاق زرعاً من الروتين بالخناق , وحياة الزراعة , وعدم التجديد , ومنها فكر فى الهجرة وهو فى بداية العشرينات من عمره , واستقر به المقام بالسفارة السودانية بالقاهرة رئيساً لسائقى السفارة , وتزوج بمصر , واقام بمنطقة العجوزة .
عندما اتينا للدنيا كان الخال بمصر , وتفانى كثيراً فى اسعادنا بارسال افضل ما انتجته مصر من الثياب والأحذية , وكان باراً بأهله , وكان يقصده الكثيرون فى رحلات العلاج والعمل لمصر , والان هو بالمعاش بالخرطوم , لكنه لم ينقطع عن ام الدنيا حيث يمتلك فيها شقة تمليك , ويقوم بزيارتها بصورة منتظمة .
اللهم بارك له فى نسله , واقسم له من نعيم الدنيا والآخرة ما تشاء , واختم له بالسعادة يا كريم .
اعزائى اقف هنا لمواصلة الحديث مجدداً فى ذات الاتجاه اذا كان فى العمر بقية ,,, والى اللقاء ,,