[b][color=black]حق السكن العرفى الإعتبارى بالخناق[/color][/b]

عوض محمد عبد ا الأحد نوفمبر 02, 2008 3:45 pm

سأتناول اليوم واحدة من الأعراف التى كانت شائعة بالخناق كغيرها من مناطق الولاية الشمالية الزراعية , والتى ترجع لايام الحكم الانجليزى , وما كان يطبق من قوانين انجليزية المصدر , على دول المستعمرات .
معنى حق السكن العرفى الاعتبارى :
تعنى العبارة حق غير اصحاب الأرض او الساقية فى السكن بأرض الساقية كغيرهم من الملاك , وقد رأينا بعضاً من مظاهر ذلك العرف بالخناق كما سيأتى لاحقاً .
ويعود ذلك العرف فى تقديرى الى فترة دخول العركية الى ارض الخناق , وانشغالهم بزراعة الأراضى الزراعية نيابة عن ملاك السواقى سواء داخل الجزر الخاصة بالخناق , او بسواقى الخناق الغربية , حيث اتخذ هؤلاء المزارعين مساحة من الأراضى الزراعية وقاموا بتشييد منازلهم عليها , أسوة بملاك السواقى , حيث كانوا يتعايشون سوياً فى توادد وأخوة .
عندما حصل فيضان عام 1988م , كانت آخر معالم المنازل القديمة بالأراضى الزراعية قد تلاشت بسبب الفيضان , وبالتالى صارت مساحات السكن اراضى زراعية مرة اخرى بحكم الأصل , وعندما عاد بعضهم لزراعة اماكن منازلهم القديمة ثارت النزاعات بينهم وبين ملاك السواقى , انتهت بصدور احكام قضائية فيها استندت على حق السكن العرفى الاعتبارى كسبب لشطب ورد تلك الدعاوى على مقدميها .
شهدت الساقية ( 8 ) الخناق نزاعاً حامى الوطيس فيما بين الملاك وورثة المرحوم عبد الله ابراهيم العركى , بسبب المساحة التى كان يسكن فيها مورث المدعين فى السابق استناداً الى العرف الذى نحن بصدده , حيث رفض ملاك الساقية للورثة الدخول والزراعة فى مكان سكن مورثهم القديم , على اساس ان مورثهم ليس من ملاك الساقية , وتدخلت الشرطة ومنعت الطرفين من الدخول فى الارض لحين تقرير صاحب الحق فيها .
قام ورثة العركى بقيد دعوى مدنية بمحكمة دنقلا الجزئية تحت الرقم ق م 30/1989م , وكنت وقتها محامياً بمكتب الزميل مصطفى محمد ابراهيم ( امد الله فى ايامه ) , وبحكم صلة القرابة بينى وبين ملاك الساقية , حيث تمتلك جدتى نصيباً بأرض الساقية , حضر مندوبى الملاك الينا لتولى الدفاع عنهم , وتمت الاتفاقية بيننا وأذكر أن أتعاب المكتب كانت رمزية لم تتجاوز الثلاثة آلاف جنيه وقتها .
وفى العام 1990م , وعندما قمت بفتح مكتبى الخاص بدنقلا , كانت تلك الدعوى من الدعاوى التى تبعتنى من مكتب الزميل مصطفى محمد ابراهيم , واستمرت حتى بداية التسعينات , وصدر حكم ابتدائى بشطب الدعوى تاسيساً على فشل المدعين على اثبات واقعة شراء مورثهم لأرض النزاع , واستناداً على العرف الخاص بحق السكن العرفى الاعتبارى الذى يمنح حق استغلال الأرض بالسكن عليها , حتى زوال السكن , ولا يعطى الممنوح حق التشييد , أو الزراعة على الأرض , ثم تأيد الحكم بقرار صادر من المحكمة العليا بصفتها أعلى سلطة قضائية بالبلاد .
كان يمثل الملاك معى فى تلك الدعوى كلاً من : المرحوم ميرغنى صالح , والمرحوم فضيلى حسن فضيلى , ومحمد عبد اللطيف عبد الرحيم ( والد الابن والعضو عبدو قيلى ) والاخ ابراهيم ميرغنى صالح , بعد وفاة والده عليه الرحمة .
وكان يمثل المدعين المرحوم مصطفى عبد الله ابراهيم العركى , مع المحامى عبد الحميد محمد الأمين , وكانت الاستاذة فاطمة احمد ابو العلا متدربة لدى المحامى عبد الحميد وقتها , وانتهز هذه السانحة لأحييها من هذا المنبر .
من الشواهد التى أذكرها جيداً , والتى تدل على الوعى العالى الذى كان يتميز به طرفى الدعوى , ان هذه الدعوى لم تؤثر فى العلاقات الشخصية بين أطرافها , وأذكر ان الطرفين كانا يتجازبان اطراف الحديث داخل المحكمة حتى يحين موعد القضية ويتم استدعائهما لقاعة المحكمة , وفى بعض الأحيان كانوا يتناولون طعام الافطار سوياً من مطعم العركى بسوق دنقلا قبل وصولهم للمحكمة ,,, ونواصل ,,